في احدى ضواحي صحراء البؤساء
كان هناك غلاماً يُدعى ابراهيم
ابراهيم هذا ،، متوسط القامة ،، نحيف البدن قليلاً ،، ذو عينان كبيرتان،، كثيرُ الشقاء
كان دوماً يُحبُ المُزاح
والتطفلِ على السواح
ومداعبةَ جُلِّ النساء.
وذات مساء
إلتقى ذاك الغلامُ بفتاةٍ كان إسمها ميري
ميري هذه ،، مليئةُ البدن قليلاً ،، ذو عينان ساحرتان،، تمتازُ بعذوبةِ الأنوثة،،
شعرها الغجريُ يتساقطُ كالرذاذِ على خدها ،، تُشبه الثلوجَ بلونها،
قلبُها ماذا يوصفُ عن قلبها
غير أنهُ قلبُ عذراء..
أحبها،، فبادلتهُ حُبها
وأقاما وعداً على حُبهما
بالبر ِ والودِ والوفاء.
وذاتَ ليلةٍ مُخمليةٍ ،، شاحبة اللون ،، سوداء
أغارَت على موكبهما عجوزاً كان إسمها الشمطاء
الشمطاء هذه ،، عجوزاً تحملُ عكازاً ذو حدين ،، لا تعرفُ معنى السعادة
لا تُحبذُ مكاناً للسعداء.
قامت هذه العجوزُ المتعجرفة بضرب ميري في سمعها
فغدت ميري المسكينةُ صماء
لا تستمعُ لما يقولهُ جاك
لا تحنُ لكلماتِ الهوى
لا تُدركُ معنى العناء
إذا غنى لها ’’ لا تقشعرُ لنداء الغناء
ظلَّ ابراهيم المسكينُ عليلاً ’’ منحني الظهر ’’ مُتجمدُ العمر
مُشوكٌ بالدماء
مرَّ من الزمن ما مرْ
أبراهيم ،، في حالةٍ يُرثى بها
حالةً مشوشةً،، غامضةً ،، عمياء
وذات ضحى سمعَ ابراهيم من أحدى الرعاة
أنه ثمةَ حكيماً يعلمُ دواءاً لداءِ تحفتهِ الصغيرة ،، ميري الصماء
ألهثَ أبراهيم مسرعا حيثُ يقطنُ ذاك الحكيم وما إن لبث العشاء
حتى كان ابراهيم هناك
رحبَّ الحكيمُ بي أبراهيم وقال لهُ بكل ِ صفاء :
هات ما عندك يا أبراهيم
سرد أبراهيم للحكيم ما حدث ودون رياء
فقال الحكيمُ :
إسمع يا أبراهيم ،، كي تُشفي حبيبتك ميري من هذا الداء
إليكَ بشجرة ٍ تقع في مشرق الصحراء من هنا
خذ من ثمارها ثمرةً ،، وأعطها لميري ،، وستعيدها سمعها للحياة
فقال أبراهيم : كيف هي ،، ما وصفها ،، كيف أعرف ثمارها عن غيرها
فقال الحكيم مُخاطبا أبراهيم باستغراب ٍ وحياء :
إنها شجرةٌ عبقة ،، لونها خضراء
سمادُها من رمل ٍ ،، في مشرق ِ الصحراء
في لذةِ ثمارها ،، تمرد العظماء
في مرارةِ أوراقها ،، تشبت الفقراء
هي وحدها ووحدها فقط من تشفي حبيبتك من هذا الداء
ومن يومها
وابراهيم متسلقاً للجبال
شاقاً،، للرمال
بحثاً عن تلك الشجرة الخضراء.
عفوا نسيت الصحراء لا تنبت فيها الزهور ولكن تزرع القيم والاخلاق